والنيران في كثير من القرآن وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا إلى غير ذلك فيجب اعتقاد أن من مات على الكفر يستحق النار ويدخلونها بعد أن ينادى لهم و للمنافقين على رؤس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين وأن الجنة حق وأن النار حق لأن الآيات والأحاديث الواردة في حقهما أكثر من أن تحصى وأنكر الفلاسفة وجودهما متمسكين بأن الجنة موصوفة بأن عرضها كعرض السماوات والأرض وهذا في عالم العناصر محال لأن عالم العناصر أصغر من السماوات والأرض والأصغر لا يسع الأكبر وفي عالم الأفلاك أو عالم آخر خارج عن عالم الأفلاك يستلزم جواز الخرق والالتيام وهو باطل قلنا هذا مبني على أصلكم الفاسد والمراد عرض الجنة مثل عرض السماوات والأرض في الماهية ولا يلزم من ذلك تساوي مقدارهما فإن الإنسان الصغير مثل الإنسان الكبير في الماهية مع عدم تساويهما في المقدار وأنهما مخلوقتان موجودتان الآن عند أهل السنة والجماعة وذهب أكثر المعتزلة إلى أنهما مخلوقتان يوم الجزاء لعدم المقتضي الآن دليلنا قصة آدم وحواء عليهما السلام وإسكانهما في الجنة وإهباطهما منها والآيات الظاهرة في إعدادهما مثل أعدت للمتقين أعدت للكافرين ولا ضرورة في العدول عن الظاهر فإن عورض بمثل قوله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا من حيث إن الجعل مستقبل قلنا هو محتمل للحال والاستقبال فتبقى قصة آدم سالمة عن المعارض على أن الجعل يحتمل معنى التخصيص كما يقال اجعل هذا لزيد أي أخصه به فلا ينافي سبق وجودهما وإذا ثبت وجودهما الآن فلا قائل بفنائهما بعد وجودهما لكن لم يرد نص صريح في تعيين مكانهما الآن والأكثرون على أن الجنة فوق السماوات السبع تحت العرش أخذا من قوله تعالى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى وقوله عليه السلام سقف الجنة عرش الرحمن وإن النار تحت الأرضين السبع وقال بعض المحققين والحق تفويض ذلك إلى علم العلمي الخير والكافرين فشمل أطفالهم باعتبار التبعية لكن اختلف فيهم والصحيح التفصيل فأطفال الأنبياء عليهم السلام في الجنة بلا خلاف وكذا بقية أطفال المؤمنين على الصحيح واختلف في أطفال المشركين والأصح إنهم خدمة المؤمنين في الجنة لعدم التكليف ولا يليق بكرمه أن يعذب بالذنب وإن جاز عليه كما قدمنا ومن قال إنهم في النار مع آبائهم مستدلا بقوله تعالى ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا فقد أول على المعنى الأول وقيل هم على الأعراف بين الجنة والنار وقيل يصيرون ترايا وقيل السكوت عنهم أولى ولذا توقف فيهم الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه
(٣٨)