هو عبارة عن النظم أو إلى النظم على ما في بعض النسخ والقلب مفعول يسلي وهو الشكل الصنوبري المشدق الرأس سمي به لتقلبه قال بعض الشراح وتبعه شيخنا وليس المراد به اللطيفة القائمة به وهي البصيرة انتهى وفيه نظر بل هي المراد ههنا إذ نفس الشكل الصنوبري لحمة فلا يوصف نفسه بالتسلي بل باعتبار اللطيفة القائمة به كما لا يخفى على من له بصيرة وقوله كالبشرى متعلق بيسلي يعني كتسليته بالبشرى والبشرى بضم الباء كالبشارة وهي اسم خبر سار حق لا علم به للمبشر به فهي أخص مطلقا من الخبر ويحتمل أن يراد بالبشرى نفس المسرة الحاصلة من بشارة أو غيرها والأول أنسب ههنا لقوله بروح وسميت بشارة لكونها تظهر في بشرة الوجه والباء في بروح للمصاحبة أو بمعنى مع أو متعلقة بالبشرى والروح بفتح الراء وسكون الواو بمعنى الراحة ومنه فروح وريحان أي يسلي القلب مع الراحة بحيث لا ينال القلب معها تعب ولا مشقة ويحيي عطف على يسلي وهو مضارع من الحياة ضد الموت مجاز عن الإنعاش أي ينعش الروح ففيه استعارة تبعية أو مجاز عقلي وفاعله مستتر هو فاعل يسلي والروح بضم الراء وقد اختلف فيها وأحسن ما قيل فيها أنها جوهر نوراني له سريان في البدن كسريان ماء الورد في الورد وهي غير النفس قال ابن عباس رضي الله عنه في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التي بها العقل والتمييز والروح التي بها التحرك والتنفس فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه كما قال تعالى والتي لم تمت في منامها ولا التفات لقول من قال إنها الدم لأن من الحيوان ما لا دم له ولا لقول من قال إنها النفس الداخل الخارج لأن من الحيوان ما لا يتنفس إلا عند الموت كالسمك والأقوال فيها كثيرة بلغت نحو الألف ومنهم من توقف لقوله تعالى ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وروى مالك رضي الله عنه أنها صورة كصورة الجسد وقدمنا بقية الكلام فيها فارجع إليه واختلف في تقديم خلقها على الجسد وتأخيرها عنه على قولين مشهورين الأول تقديم خلق الروح على الجسد واستدل له بحديث إسناده ضعيف وهو أن الله خلق أرواح العباد قبل العباد بألفي عام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف والثاني ذهب إليه جماعة واستدلوا له بما في الحديث المشهور: ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح وأجيب عنه بالفرق بين نفخ الروح وخلقه وقيل الخلف
(١٣٦)