إنه نقل عنهما الاكتفاء بالثلاثة الوسطى وهي المتعلقة بأصل القضيب بحسبان أنه ظاهر صحيحة البختري بدعوى عود الضمير المفعول فيها في قوله (عليه السلام): " ينتره إلى الذكر "، ودعوى اختصاص الذكر بالقضيب أو انصرافه اليه وهو حسبان بلا مستند، إذ الدعويان مما لا شاهد لهما، مع الغض عن أن هذا القول معارض بما حكي عن والد الصدوق من أنه خص الاستبراء بالثلاثة الاولى.
وبالجملة فالأقوى اعتبار التسع في الكيفية أخذا بصحيحة ابن مسلم فإنها صريحة في لزوم نتر الطرف الذي هو الرأس في الحكم بعد الاعتناء، وظاهرة في لزوم العصرات الاولى أيضا، أو غير منافية لما يستفاد لزومها منه كحسنة عبد الملك ونوادر الراوندي المنجبرين سندا بالشهرة المحققة، وبصحيحة البختري الظاهرة في اعتبار التسع بالتقريب الذي بيناه أو الغير المنافية من جهة الإجمال لما يستفاد منه اعتبار الأزيد مما ليس مذكورا فيها صريحا من العدد كما حققناه من أنه ليس لها ظهور يعبأ به في النفي، إذ ظهورها في خصوص الثلاث الوسطى موقوف بضعف الاحتمال الذي احتملناه فيها بحيث لا يعتنى به عرفا ليتم الظهور المزبور، والضعف غير مقبول.
ولكن الانصاف أنه لو أغضى عن دعوى ظهورها فيما احتملناه فلا ريب في إجمالها، لتساوي الاحتمالين، أو قوة احتمالنا بمقدار ما تسقط به عن الظهور في خلافه، وحينئذ فيحكم غيرها الناص في اعتبار ما لم يستفد منها عليها تحكيما للمبين على المجمل، فبمقتضى الروايات الأربع الظاهر من حيث المجموع في اعتبار التسع معونة حمل مطلقها على المقيد أو مجملها بالمبين لزم القول باعتبار التسع في الاستبراء المترتب عليه الحكم بطهارة البلل المشتبه وعدم ناقضيته كما عليه المشهور، لعدم دليل تام على كفاية الست أو أقل في الحكم المزبور بعد تطابق الروايات والفتاوى على الحكم بخبثية البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء وحدثيته.
قوله (قدس سره): (والظاهر الاجتزاء في الثلاثة الوسطى بالعصر والغمز) لورود