قولا وعملا... توجيها وتطبيقا... وأي إنسان بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى من الإمام جعفر الصادق وغيره من الأئمة (عليهم السلام) بتطبيق الرسالة والحفاظ على تعاليمها نصا وروحا؟ وقد روي عنه (عليه السلام) أنه قال: " إذا بلغك عن أخيك شيء يسوؤك فلا تغتم، فإن كنت كما يقول القائل كانت عقوبة قد عجلت، وإن كنت على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها ".
ومن حلمه وسماحته: أنه عندما حضرته الوفاة أغمي عليه، فلما أفاق قال:
أعطوا الحسن بن علي بن الحسن الأفطس سبعين دينارا، وأعطوا فلانا كذا وفلانا كذا.
فقالت مولاته سالمة: يا سيدي، أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟
قال الإمام: " أتريدين ألا أكون من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب﴾ (1)، نعم يا سالمة، إن الله خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ".
عبادته وتهجده إن عبادة الإمام تنطلق من صفاء نفسه وإيمانه بالله، وإشراق اليقين في قلبه، بفعل انفتاحه على أسرار المعرفة الإلهية وانسجامه روحا بحقائقها الواقعية السامية.
ومن هنا كان الإمام (عليه السلام) أعبد أهل زمانه، فإن العبادة عندما تقترن بالمعرفة