فأخذها السائل من يده ثم قال: الحمد لله رب العالمين الذي رزقني. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): مكانك، فحثا ملء كفيه عنبا فناولها إياه، فأخذها السائل من يده ثم قال: الحمد لله رب العالمين الذي رزقني. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):
مكانك، يا غلام، أي شيء معك من الدراهم، فإذا معه نحوا من عشرين درهما فيما حزرناه، فناولها إياه فأخذها، ثم قال: الحمد لله هذا منك وحدك لا شريك لك.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): مكانك، فخلع قميصا كان عليه، فقال: ألبس هذا، فلبسه فقال: الحمد لله الذي كساني وسترني، يا أبا عبد الله، أو قال: جزاك الله خيرا، ولم يدع لأبي عبد الله إلا بذا، ثم انصرف فذهب. قال مسمع: فظننا أنه لو لم يدع له لم يزل يعطيه... ".
وفي هذا الحديث نلاحظ رعاية ذلك الارتباط في العطاء من الإمام بصراحة، فحين كان شعور السائل بالامتنان لله خالصا فيما أولاه الإمام من إحسان، كان عطاء الإمام يتضاعف، وعندما أبدى السائل امتنانه للإمام بدعائه له أخيرا، كف الإمام عنه، أما امتناع الإمام عن إعطاء السائل الأول عند عوده إليه ثانيا، فلأن رد السائل لعطاء الإمام أولا واستخفافه به، يكشف عن أن السائل لم يكن سؤاله عن حاجة، بل هي حرفة اتخذها لنفسه لجمع المال من سبيل حرام، وكانت عملية الرد هذه عليه تأنيب وتأديب له.
ومن صور كرمه وسخائه الفريدة ما ذكره يونس عن بعضهم، قال: " إنه سأل الإمام: جعلت فداك، بلغني أنك تفعل في غلة عين زياد (اسم ضيعة له) شيئا، وأنا أحب أن أسمعه منك...
فقال لي: نعم كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم، ليدخل الناس ويأكلوا، وكنت آمر في كل يوم أن يوضع عشرة بنيات، يقعد