وكان رقيقا مع كل من يعامله، من عشراء وخدم، ويروى في ذلك أنه بعث غلاما له في حاجة فأبطأ فخرج يبحث عنه، فوجده نائما فجلس عند رأسه، وأخذ يروح له حتى انتبه، فقال: ما ذلك لك تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا النهار.
على أن التسامح والرفق ليبلغ به أن يدعو الله بأن يغفر الإساءة لمن يسيء إليه، ويروى في ذلك أنه كان إذا بلغه شتم له في غيبة يقوم ويتهيأ للصلاة، ويصلي طويلا، ثم يدعو ربه ألا يؤاخذ الجاني، لأن الحق حقه وقد وهبه للجاني، غافرا له ظلمه، وكان يعتبر من ينتقم من عدوه وهو قادر على الانتقام ذليلا، وإذا كان في العفو ذل فهو الذل في المظهر لا في الحقيقة، بل إنه لا ذل فيه، والانتقام إذا صدر عن القوي إذ أهانه الضعيف هو الذل الكبير، فلا ذل في عفو، ولا عظمة في انتقام.
ولقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما نقص مال من صدقة، وما زاد عبد بالعفو إلا عزا، ومن تواضع لله رفعه.
وإن الحلم والتسامح خلق قادة الفكر والدعاة إلى الحق كما قال تعالى:
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وكما قال آمرا نبيه، وكل هاد، بل كل مؤمن: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
شجاعته:
أولئك ذرية علي ونسله الكرام صقلتهم الشدائد، ولم تهن من عزائمهم المحن، فالشجاعة فيهم من معدنه، وهي فيهم كالجبلة لا يهابون الموت، وخصوصا