وختم كلامه بقوله: ألا أنبئكم بأخلى الناس ميزانا يوم القيامة وأبينهم خسرانا، من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق.
فراسته:
كان الصادق ذا فراسة قوية، ولعل فراسته هي التي منعته أن يقتحم في السياسة، ويستجيب لما كان يدعوه إليه مريدوه، مع ما يراه من حال شيعته في العراق من أنهم يكثر قولهم ويقل عملهم، وقد اعتبر بما كان منهم لأبي الشهداء الإمام الحسين (رضي الله عنه)، ثم لزيد وأولاده، ثم لأولاد عبد الله بن الحسن، ولذا لم يطعهم في إجابة رغباتهم في الخروج، وكان ينهى كل الذين خرجوا في عهده عن الخروج.
وإن الأحداث التي نزلت بأسرته ووقعت حوله، وأحيط به في بعضها قد جعلته ذا إحساس قوي يدرك به مغبة الأمور، مع ذكائه الألمعي وزكاة نفسه فكان بهذا من أشد الناس فراسة وألمعية، وأقواهم يقظة حس وقوة إدراك... الخ.
هيبته:
أضفى الله على جعفر بن محمد الصادق جلالا ونورا من نوره، وذلك لكثرة عبادته، وصمته عن لغو القول، وانصرافه عما يرغب فيه الناس، وجلده للحوادث، كل هذا جعل له مهابة في القلوب، فوق ما يجري في عروقه من دم طاهر نبيل، وما يحمل من تأريخ مجيد لأسرته، وما آتاه الله من سمت حسن ومنظر مهيب وعلو عن الصغائر واتجاه إلى المعالي، وحسبك ما ذكرنا من أن أبا حنيفة عندما رآه