مع الواقع الحياتي الذي يعيش فيه الإنسان، فليس للإسلام سلوك معين فيما يرجع لمظهر الإنسان في الخارج، سوى ما نبه عليه الإمام في حديثه، وهو الانسجام مع مظهر العصر الذي يعيش فيه.
وقد كانت هذه النظرة الواقعية الواعية للإمام إزاء المظهر، مثار اعتراض ونقد بعض المتصوفة في عصره، الذين وجدوا في مرونة الإمام الصادق (عليه السلام) وانفتاحه في هذا المجال، ما يفقد مظهرهم وزهدهم المتزمت وقيمته المثالية، وامتيازهم الاجتماعي، بعد أن كان الإمام في موقعه من الأمة يمثل القمة في الواجهة الرسالية السليمة من كل شائبة انحراف أو تزييف في عرض المفاهيم وتطبيقها.
ومن ذلك ما رواه الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:
بينا أنا في الطواف، وإذا رجل يجذب ثوبي، وإذا عباد بن كثير البصري، فقال: يا جعفر تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا الموضع؟ مع المكان الذي أنت فيه من علي؟!
فقلت: فرقبي (1) اشتريته بدينار، وقد كان علي في زمان يستقيم له ما ليس فيه، ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس: هذا مرائي مثل عباد.
وما رواه الكليني أيضا، أن سفيان الثوري دخل على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأى عليه ثيابا بيضاء كأنها غرقئ البيض، فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك.
فقال له الإمام: اسمع مني وع ما أقول: فإنه خير لك عاجلا وآجلا، إن أنت مت على السنة ولم تمت على بدعة، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في زمان مقفر مجدب، فأما إذا أقبلت الدنيا فأحق الناس بها أبرارها لا فجارها، ومؤمنوها