ولكني أحب أن يراني الله قد أحسنت تقدير المعيشة ".
فالإمام (عليه السلام) لا يريد أن يكون في معزل عن واقع الناس بما يزخر به من مشاكل وآلام، بل يريد لنفسه أن يكون واحدا، فهو يشاركهم مسؤوليات الحياة بما تفرضه تقلبات الأحوال وانعكاساتها على الصعيد العام.
والمسؤولية التي تحملها الإمام هنا أولا: بعرض ما توفر لديه من الغلات في السوق، مشاركة منه بحل جزء ولو يسير من مشكلة فقدان المادة الأولية للعيش، وتوجيها عمليا للآخرين من أجل أن يقاوموا في أنفسهم عوامل الاحتكار والاثرة التي قد تتسبب عنها كارثة اجتماعية واقتصادية عامة... وثانيا: بمساواته لنفسه وعياله حياتيا مع الآخرين فيما يصيبهم من ضيق وعناء... وهذا أقصى ما يتمكن به الإمام من مشاركة واهتمام في هذا المجال.
صبره وجلده كان الإمام الصادق (عليه السلام) ذا صبر منيع بالقوة، وجلد يذوب معه عنف الشدة، لا يجزع من أمر الله عندما ينزل به المصاب من فقد ولد أو أخ أو قريب، ولا يتململ ضجرا من ضائقة تحل به، بل يصبر على ذلك بروح يعمرها الشكر والرضا بما كتب الله وقضى به، ولقد عانى الإمام من ملوك عصره وولاتهم قسوة الظلم ومرارة الاضطهاد، ولقي من عنتهم ما يضيق عنه الصبر ويتلاشى معه الجلد، ولكنه أقوى من ظلامة الأحداث وأصلب إرادة أمام عاديات المحن، امتحنه الله بحمل مسؤولية خلافة الإيمان في الأرض، وحفظ معطيات الرسالة من أجل خير بني الإنسان، فكان الأمين على مكنونها، والحارس لحقها، رغم تحديات الكفر وانتهاكات الباطل، ومضايقات الموغلين في البغي، الذين وجدوا في علم الإمام