لم يبعث الله إليهم فاصلا لما بينهم ولا زاجرا عن وصفهم، وإنما استدللنا أن رضى الله غير ذلك. يبعث (1) الرسل بالأمور القيمة الصحيحة، والتحذير عن الأمور المشكلة المفسدة، ثم جعلهم أبوابه وصراطه والأدلاء عليه بأمور محجوبة عن الرأي والقياس. فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يزدد من الله إلا بعدا ولم يبعث رسولا قط وإن طال عمره قابلا من الناس خلاف ما جاء به، حتى يكون متبوعا مرة وتابعا أخرى، ولم ير أيضا في ما جاء به استعمل رأيا ولا قياسا، حتى يكون ذلك واضحا عنده كالوحي من الله، وفي ذلك دليل لكل ذي لب وحجى أن أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون، وإنما الاختلاف في ما دون الرسل لا في الرسل. فإياك أيها المستمع أن تجمع عليك خصلتين: إحداهما القذف بما جاش به صدرك (2)، واتباعك لنفسك إلى غير قصد ولا معرفة حد؛ والأخرى استغناؤك عما فيه حاجتك، وتكذيبك لمن إليه مردك. وإياك وترك الحق سأمة وملالة وانتجاعك الباطل (3) جهلا وضلالة، لأنا لم نجد تابعا لهواه جائزا عما ذكرنا قط رشيدا، فانظر في ذلك " (4).
من رسالة له (عليه السلام) ومن ذلك ما في ذلك الكتاب بإسناده (5) إلى المعلى بن خنيس، قال: قال