إن ولدك هذا سيكون علامة عصره.
وصدق الوليد، وتحقق ما توسم في جعفر الصادق (عليه السلام)، لأنه أصبح من أعلم العلماء، بل أعلمهم على الإطلاق.
وكان الصاحب بن عباد المتوفى سنة 375 للهجرة يقول: لم تظهر في الإسلام بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شخصية علمية بعظمة جعفر الصادق (عليه السلام). ومن كان كالصاحب بن عباد علما ومنزلة سياسية لا يقول إلا حقا، ولا يجامل في حكمه ورأيه، فهو وزير البويهيين والشخصية العلمية الفريدة في عصره، وكانت مكتبته في مدينة (الري) تضم ما يزيد على مائة ألف كتاب.
العلوم التجريبية في مدرسة الإمام الباقر (عليه السلام) مر بنا أن الإمام الباقر (عليه السلام) كان يعنى في مدرسته بتدريس علوم أخرى عدا القرآن والحديث، كالتأريخ والجغرافيا والطب. أما في ما يتعلق بالطب، فهناك روايتان مختلفتان، تذهب الأولى إلى تأكيد تدريسه له، في حين أن الثانية تنسب تدريسه إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).
وأيا كان الأمر، فليس ثمة شك في أن الإمام جعفرا الصادق (عليه السلام) كان ملما بالطب، وكان يلقي دروسا فيه، أفاد منها كثير من الأطباء والباحثين والمرضى في القرنين الثالث والرابع.
ومن نظرياته التي انتفع بها الأطباء في عصره وبعد وفاته، رأيه في إمكان تنشيط الدورة الدموية عند حدوث سكتة مفاجئة أو توقف مؤقت، حتى ولو ظهرت على المريض أمارات الموت أو علامات شبيهة بعلامات الموتى.