بين الأزواج أثارها زنديق.
قال الزنديق: أخبرني عن قول الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، وقال في آخر السورة:
(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل).
قال الصادق: أما قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فإنما عنى النفقة وقوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) فإنما عنى بها المودة، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة.
وإن حضور البديهة من ألزم اللوازم لقادة الأفكار والأئمة المتبعين، فلا توجد قيادة فكرية لعيي في البيان، ولا توجد قيادة فكرية لمن عنده حبسة في المعاني.
جلده وصبره:
لقد كان أبو عبد الله الصادق ذا جلد وصبر وقوة نفس، وضبط لها، وإن الصابرين هم الذين يعلون على الأحداث، ولا يزعجهم اضطراب الأمور عليهم ونيلهم بالأذى، وكان الإمام الصادق صبورا قادرا على العمل المستمر الذي لا ينقطع، فقد كان في دراسة دائمة.
وكان مع ذلك الصبر وضبط النفس عبدا شكورا، وأنا أرى أن الصبر والشكر معنيان متلاقيان في نفس المؤمن القوي الإيمان، فمن شكر النعمة فهو الصابر عند نزول البلاء، بل إن شكر النعمة يحتاج إلى صبر، والصبر في البلاء لا يتحقق إلا من قلب شاكر يذكر النعمة في وقت النقمة، والصبر في أدق معناه لا يكون إلا كذلك، إذ الصبر الحقيقي يقتضي الرضا، وهو الصبر الجميل.
ولقد كان أبو عبد الله صابرا شاكرا خاشعا قانتا عابدا، صبر في الشدائد،