﴿والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب﴾ (1).
قال: فلا تراني بعدها قاطعا رحما.
وهكذا يتخذ الإمام من حلمه رسالة ينفذ بها إلى أخطاء الآخرين وتجاوزاتهم، في عملية تصحيح رقيقة، تعكس الأسلوب الإسلامي الهادئ في العمل الهادف من أجل عمل الآخرين على الانفتاح على روح الرسالة، والتمسك بمثلها الأخلاقية وقيمها الإنسانية.
وحينما نتطلع إلى الأسلوب الذي يتسم بالقسوة والعنف، الذي يواجه به بنو الحسن الإمام الصادق، والرد الجميل الهادئ الذي كان يقابلهم به، ترتسم أمامنا الملامح الرائعة للخلق السمح الوديع الذي كان ينطوي عليه صدر ذلك الإمام العظيم، فبرغم مواقفهم الظالمة معه، وانتقاداتهم القاسية له، والتي لا نفهم لها مبررا سوى شعورهم بأنه المنافس الوحيد لهم في دعوة الإمامة والخلافة، وعدم استجابته لمطاليبهم منه بموافقته لهم فيما يدعون، وحسدا له على المقام الذي حباه الله به، وقد روي عنه (عليه السلام) أنه قال: ليس منا إلا وله عدو من أهل بيته، فقيل له، بنو الحسن لا يعرفون لمن الحق؟ قال: بلى، ولكن يمنعهم الحسد.
رغم كل هذا وغيره، نرى الإمام عندما حمل المنصور شيوخ بني الحسن ورجالهم من المدينة إلى الكوفة، قد أظهر (عليه السلام) الجزع، وحم أياما، متناسيا ما لاقاه منهم بالأمس من القسوة والعنف والمواجهات الظالمة.
وليس من خلق الإمام مواجهة الآخرين بنظير فعالهم، والرد عليهم بمثل عملهم، إذ الإمامة في مركزها امتداد لمركز الرسالة... والخلف لها في قيادة الأمة،