نفسه، لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك، أترى الله أحل لك من الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك.
قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك.
قال: ويحك، لست كأنت... إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره.
فالإمام في خشونة ملبسه، وجشوبة عيشه، وابتعاده عن مظاهر الترف والتمتع بالطيبات، إنما يمثل الحاكم الذي ينسجم مع مسؤولياته القيادية بالنسبة لجميع أفراد الأمة على اختلاف مستوياتهم، فمن أجل أن لا يجد الفقير نفسه غريبا بفقره، بين مظاهر الترف التي يعيشها أهل الجدة من قومه وبني أرومته، يجب على الحاكم المسؤول أن يساوي نفسه به، وتلك مسؤوليته الإنسانية والشرعية، ليشعره بكرامة الحياة وعدالة النظام الذي يتحمل مسؤوليته، ويشاركه فيما يعانيه من آلام، كما أنه في نفس الوقت يقلل من الشعور بالامتيازات الطبقية لدى الأغنياء، ويضعف من طغيانهم وجبروتهم، يقول الإمام علي (عليه السلام):
" إن الله جعلني إماما لخلقه، ففرض علي التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس، كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه ".
ويقول (عليه السلام) في نهج البلاغة:
ولو شئت لاهتديت إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع.
وقد أشار الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في بعض إجاباته، إلى أن سيرة الإمام في ملبسه ومطعمه إذا تصدى للحكم، تختلف عما إذا كان خارج الحكم والمسؤولية،