في دين الشيخ، فلا نجده أقرب منه في وقته هذا، فابتدأهم المأمون فقال: كم ترك أبو جعفر من الدين؟ فقال له إسماعيل: خمسة وعشرون ألف دينار، فقال له:
قد قضى الله عنه دينه، إلى من أوصى؟ فقالوا له: إلى ابن له يقال له يحيى بالمدينة، فقال: ليس هو بالمدينة هو بمصر، وقد علمنا بكونه فيها، ولكن كرهنا أن نعلمه بخروجه من المدينة لئلا يسوؤه ذلك، لعلمه بكراهتنا لخروجه عنها (1). ولمحمد ابن جعفر تأريخ مفصل مذكور في " مقاتل الطالبيين " وغيره من كتب السير والتراجم والحديث.
علي:
بلغ علي بن جعفر من الجلالة شأوا لا يلحق، ومن الفضل محلا لا يسبق، وأما حديثه وثقته فيه، فهو مما لا يختلف فيه اثنان، ومن سبر كتب الحديث عرف ما له من أخبار جمة يرويها عن أخيه الكاظم (عليه السلام) تكشف عن علم ومعرفة.
وقال فيه الشيخ المفيد طاب ثراه في إرشاده: وكان علي بن جعفر راوية للحديث، سديد الطريق، شديد الورع، كثير الفضل، لزم أخاه موسى (عليه السلام)، وروى عنه شيئا كثيرا من الأخبار، وقال في النص عليه، وكان شديد التمسك به، والانقطاع إليه، والتوفر على أخذ معالم الدين منه، وله مسائل مشهورة عنه، وجوابات سماعا عنه، والنص على أخيه الكاظم (عليه السلام). روى عن أخويه إسحاق وعلي ابني جعفر، وكانا من الفضل والورع على ما لا يختلف فيه اثنان.
ومن شدة ورعه اعترافه بالأئمة بعد أخيه الكاظم (عليه السلام) مع كبر سنه وجلالة قدره، وكبير فضله، ولم تثنه هذه الشؤون عن الاعتراف بالحق والعمل به، بل زادته