والمراد بقوله: بغير حكم الله، مطلق ما يحكمون به، سواء كان الحكم بالحق أم بالباطل، لأنهم حكام جور، وليس لهم حق الحكومة بأحكام الله، فحكمهم غير حكم الله.
وكما كان ينهى عن المرافعة إليهم، كان ينهى عن معاونتهم والعمل لهم، حتى في البناء وكراية الأنهر، وقال في جواب من سأله عن ذلك: ما أحب أن أعقد لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء، إن الظلمة وأعوان الظلمة في سرادق من نار، حتى يحكم الله بين العباد.
نهيه عن الولاية للظالمين:
وطلب منه مولى من موالي جده علي بن الحسين (عليه السلام) أن يكلم والي المدينة - وهو داود بن علي - أن يدخل في بعض الولايات.
فقال (عليه السلام): ما كنت لأفعل.
فظن الرجل أن امتناع الإمام (عليه السلام) كان خوفا من أن يظلم أحدا، فحلف له بالأيمان المغلظة أنه يعدل ولا يجور، فكان جواب الإمام (عليه السلام) أن قال له:
تناول السماء أيسر عليك من ذلك. وقد أشرنا من قبل إلى مواقفه ضد الحكام وأحكامهم، وإعلانه المقاطعة لهم، وعلى هذا النهج سار أتباعه، وطبعت مدرسته بهذا الطابع، فكانت عرضة للخطر من قبل حكام الجور، ولكنها واصلت كفاحها في سبيل ترسيخ مبادئها وإعلاء كلمة الحق، وكان يحرص الحرص الشديد على إزالة الشحناء من القلوب، وبث روح الأخوة، فهو ينهى عن التهاجر والمقاطعة.
قال المفضل: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: