أخلاق الإمام وسيرته كان يتميز بطلاقة الوجه على الآخرين، وبالهدوء والقلب الكبير في مواجهة الأزمات، ويعيش محنة الناس وآلامهم ومشاكلهم، وبالوفاء بالعهد إلى حد التضحية، وكذلك في إنفاق كل ما يملكه من مال، وبالسعي في قضاء حوائج الناس كلما أمكنه ذلك، وقد عرف ذلك عنه تلاميذه وأصحابه ومعارفة الكثير فيما يبذله لهم حتى الإيثار على نفسه، ويصبر على السلبيات التي تستتبع ذلك.
خلق الإمام الصادق (عليه السلام) وأدبه، ينطلق من واقع أصالته ومتحده العريق بالنبوة، والشامخ بالإمامة، حيث تتجمع الكمالات الإنسانية في أروع مثلها وقيمها، قولا وعملا، وإطارا ومحتوى، وخلقه امتداد طبيعي لخلق الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأدبه، فهو وغيره من أئمة أهل البيت ما ورثوا عن جدهم صفراء ولا بيضاء، وإنما ورثوا علومه وصفاته المثلى التي كان لهم شرف احتوائها والحفاظ عليها، فهم الأمناء على معطيات رسالته، والحفظة لمبادئه ومثله، يروونها عنه قولا، ويجسدونها في ممارساتهم عملا...
فعن ابن أبي يعفور، قال: رأيت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ضيفا، فقام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك وقام بنفسه إلى تلك الحاجة وقال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أن يستخدم الضيف.
وعن حفص بن أبي عائشة: بعث أبو عبد الله غلاما له في حاجة، فأبطأ، فخرج أبو عبد الله على أثره لما أبطأ فوجده نائما، فجلس عند رأسه يروح له حتى انتبه، فقال له أبو عبد الله: يا فلان، والله ما ذلك لك، تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار.