تسليمه لأمر الله بعد أن كان الإمام أعرف الناس بالله وأقواهم بصيرة به، فلا بد أن يكون أكثرهم تسليما لأمره، فيرتضى ما به رضاه، ويحب ما أحبه له، ويتجسد لنا هذا التسليم الواقعي فيما يحدثنا به الحسين بن محمد بن مهزيار عن قتيبة الأعشى، قال:
" أتيت أبا عبد الله أعود ابنا له، فوجدته على الباب، فإذا هو مهتم حزين، فقلت: جعلت فداك، كيف الصبي؟
فقال: والله إنه لما به... ثم دخل فمكث ساعة، ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه، وذهب التغير والحزن. قال: فطمعت أن يكون قد صلح الصبي...
فقلت: كيف الصبي جعلت فداك؟
فقال: لقد مضى لسبيله...
فقلت: جعلت فداك، لقد كنت وهو حي مهتما حزينا، وقد رأيت حالك الساعة وقد مات غير تلك الحال، فكيف هذا؟
فقال: إنا أهل بيت إنما نجزع قبل المصيبة، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لأمره... ".
وعن العلاء بن كامل، قال: " كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فصرخت الصارخة من الدار، فقام أبو عبد الله ثم جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرغ منه، ثم قال: إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا، فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا... ".
بهذه الكلمات الصافية... يحدد لنا الإمام عمق الإيمان وأصالة المعرفة، اللذين يمثلان الامتياز الفريد الذي يتميز به الواقع الروحي للأئمة من أهل البيت...