ومن سيرته (عليه السلام) وأخلاقه كان الإمام الصادق (عليه السلام) مثالا كاملا لدعاة الإصلاح، وعلما من الأعلام، يأمر بالأخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة، واكتساب الفضائل والابتعاد عن الرذائل، ولا يدخر النصح عن أحد.
كان يدعو الناس بلين ورفق، ويجادلهم بالتي هي أحسن، لا يتشدد على الشاك في الدين، بل كان يوضح له ما أشكل، ويبين له ما أبهم، حتى يظهر له الحق ويجلو له السبيل.
وكان يتشدد على أصحابه المتشددين في معاملة المنحرفين عن الحق ويأمرهم بأن يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويقول لهم: " لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم، ما يمنعكم إذا بلغكم عن رجل منكم ما تكرهون، وما يدخل به الأذى علينا، أن تأتوه فتؤنبوه وتعذلوه وتقولوا له قولا بليغا ".
فقال له بعض أصحابه: إذا لا يقبلون منا.
قال (عليه السلام): اهجروهم واجتنبوا مجالسهم.
فهو يوجب على العالم أن لا يتخلى عن تعليم الجاهل الذي يتردى لجهالته، فيرتكب ما يخالف الدين، ويدخل به الأذى على دعاة الإصلاح وحماة المسلمين، ولا يصح لهم هجره إلا بعد اليأس من إصلاحه، وإزالة الغشاوة التي أعمت بصره، ففي هذه الحالة تكون مواصلته تشجيعا، ومجالسته إغراء.
وكان (عليه السلام) يبذل جهده في توجيه الناس وتقويم أخلاقهم وإصلاح شؤونهم ما استطاع، ويريد منهم أن يلتزموا الجوهر ويتركوا العرض، ويأمرهم بالعمل، ويدعو ذوي اليسر إلى الإنفاق على ذوي العسرة، وأن يوسعوا على المضيق منهم