حدده الإمام، لأنه مكافأة على ما بذل السائل من ماء وجهه للمسؤول...
فعن الذهلي، عنه (عليه السلام)، أنه قال:
" المعروف ابتداء، وأما من أعطيته بعد المسألة فإنما كافيته بما بذل لك من ماء وجهه، يبيت ليلته أرقا متململا، يمثل بين الرجاء واليأس، لا يدري أين يتوجه لحاجته، ثم يعزم بالقصد لها، فيأتيك وقلبه يرتجف وفرائصه ترتعد، قد ترى دمه في وجهه، لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح... ".
وهذه الصورة الواقعية المؤثرة التي أوردها الإمام في حديثه، هي تعبير حي للحالة النفسية التي يعيشها صاحب الحاجة، عندما تضيق عليه السبل، وتنغلق في وجهه منافذ الانفراج، وأي شيء عند الإنسان أغلى من ماء وجهه يبذله، أو عزة نفس بذلها، وأي ثمن يمكن أن يقدمه الإنسان في مقابل ذلك البذل السخي.
صدقاته:
والصدقة من أعظم القربات إلى الله وأحبها إليه، وهي بذاتها عمل إنساني فاضل، ومشاركة عملية يمارسها الإنسان في تخفيف آلام الفقراء والمعوزين، ممن لم تسعهم قدراتهم المعاشية فقصرت بهم خطى العمل عن أن تستوعب احتياجاتهم وضروراتهم الحياتية، وأفضل الصدقة ما كان معروفا من غير سؤال، وسرا من غير إعلان، وهي التي كان يمارسها أهل البيت لتكون خالصة لوجهه، فعن المعلى بن خنيس قال:
" خرج أبو عبد الله (عليه السلام) في ليلة قد رشت السماء، وهو يريد ظلة بني ساعدة، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شيء، فقال: بسم الله، اللهم رده علينا، قال المعلى:
فأتيته فسلمت عليه. قال: معلى؟ قلت: نعم، جعلت فداك.