الصادق (عليه السلام) ونظرته الاقتصادية إلى الحياة كان الإمام الصادق (عليه السلام) مهوى الأفئدة، ومرجعا لكل طالب علم ومحب وموال، هذا من شيعته بخراسان يهديه الملابس البيضاء، وهذا من محبيه من أمراء الصين يرسل إليه بجارية (1)، وهذا من شيعته بالعراق يرسل إليه بما فرضه الله عليه.
ولكن هذا كله ما كان يمنعه من طلب الرزق والكسب الحلال بجهده وعرقه ليستغني عما في أيدي الناس، ويستقل بأمور نفسه، فضرب بذلك أروع مثل للعلماء العاملين. وكان حقا قدوة لمن يريد الاقتداء بسيرته والسير على منهاجه.
جاء في " الكافي ": " عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: استقبلت أبا عبد الله (عليه السلام) في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر، فقلت:
جعلت فداك، حالك عند الله عز وجل، وقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال: يا عبد الأعلى، خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك " (2).
أما العمل الشاق الذي كان يضطلع به في أحوال جوية عاتية وظروف شديدة الوطأة أحيانا، فهو العمل في التجارة حينا وفي المضاربة أو الزراعة حينا، يقوم به إما بنفسه وإما بالاستعانة بغيره، وهكذا يحتفظ بكبريائه واستقلاله.
وجاء في " الكافي ": " عن إسماعيل بن جابر، قال: أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) وإذا هو في حائط له (أي مزرعة مسورة)، بيده مسحاة وهو يفتح بها الماء