دينارا بدينار، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة، فدخل مصادف على أبي عبد الله (عليه السلام) ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار، فقال: جعلت فداك، هذا رأس المال، وهذا الآخر ربح.
فقال الإمام (عليه السلام): إن هذا الربح كثير، ولكن ما صنعتم في المتاع؟ فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا.
فقال الإمام (عليه السلام): سبحان الله، تحلفون على قوم مسلمين ألا تبيعوهم إلا بربح الدينار دينارا!! ثم أخذ أحد الكيسين، فقال: هذا رأس المال ولا حاجة لنا في هذا الربح، ثم قال: يا مصادف، مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال.
فكان موقف الإمام في هذا المقام هو موقف الإسلام الذي يرفض الاستغلال في أي مجال من مجالات الحياة، ويحدد عمليا إنسانية الإسلام في المعاملة ورفضه التجاوزات، سواء في ذلك الاستغلال المالي أو الاستغلال العملي، وغير ذلك من وجوه الاستغلال البغيض، لأنه تعبير آخر عن الخيانة والسرقة، بصورة قد يتراءى منها وكأنها مشروعة.
شجاعة الإمام (عليه السلام) والشجاعة إحدى السمات الأصيلة المميزة لرجالات بني هاشم عامة وأهل البيت خاصة، التي عرفوا بها وعرفتها لهم المواقف الجريئة في مختلف مواطن الحرب والسلم.
والإمام الصادق (عليه السلام) لم يمارس حربا ولا قتالا في جميع فترات حياته، لأنه عاش في عزلة عن الحكم وبعدا عن المعترك السياسي العام، ومظهر شجاعته كان حاصلا في تلك المواقف الصامدة التي واجه بها الطاغية المنصور الدوانيقي