المعارف والمعاجم على أسماء كثير منهم.
وإلى الصادق (عليه السلام) يعزى الفضل في أن الصابئة الغارقة في الجهل والحرمان قد أصبحت طائفة متقدمة متمدنة اشتهر كثير من أبنائها في ميادين العلوم المتباينة، كما انتفع العالم بثقافتهم وعلمهم، وبفضل إشعاع مدرسة الصادق (عليه السلام) - كما تشع الشمس على كل الناس - بقيت لهؤلاء القوم شخصيتهم الخاصة وكيانهم المستقل واشتهر بعضهم وذاع صيته، وما زال البعض منهم يعيش في المنطقة نفسها (حران)، وإن كان عددهم قد تواضع عما كان عليه قبلا.
وكما أسلفنا بيانه، هناك إجماع بين الشيخ أبي الحسن الخرقاني والزمخشري والعطار النيسابوري على أن جعفرا الصادق (عليه السلام) هو قدوة العرفاء في التأريخ الإسلامي، ولا غرو أن يذكروه بعظيم الإجلال والاحترام والود.
والخرقاني عالم معروف ومشهور من علماء التصوف والعرفان، وقد تناول في مباحثه أصول العرفان في الهند والشرق قبل الإسلام، ولكن غابت عنه معالم التصوف والعرفان في فارس قبل الإسلام إما لعدم إلمامه بمبادئ الزردشتية، أو لعدم توافر المراجع والمؤلفات الزردشتية لديه.
وفي هذه الفترة، أي في النصف الثاني من القرن الرابع والنصف الأول من القرن الخامس الهجريين، كانت اللغة البهلوية شائعة في كل مكان، وكان الخرقاني مطلعا على مبادئ اليهودية والمسيحية.
وبفضل البحوث التي أجرتها نخبة من المستشرقين الفرنسيين من القرن السابع عشر الميلادي وإلى يومنا هذا، وبفضل النصوص الهندية القديمة التي ترجمت إلى اللغات الحية، وأهمها كتاب " فيداس " المقدس، هان علينا أن نعرف عمق الصلة بين ثقافة الهند القديمة وثقافة فارس القديمة، كما عرفنا إن هذين البلدين