فالخوف فرع العلم، والرجاء فرع اليقين، والحب فرع المعرفة. فدليل الخوف الهرب، ودليل الرجاء الطلب، ودليل الحب إيثار المحبوب على ما سواه.
وإذا تحقق العلم في الصدر خاف [فإذا كثر المرء من المعرفة خاف] وإذا صح الخوف هرب، وإذا هرب نجا. وإذا أشرف نور اليقين في القلب شاهد الفضل، وإذا تمكن من رؤية الفضل رجا، وإذا وجد حلاوة الرجاء طلب، وإذا وفق للطلب وجد. وإذا تجلى ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة، وإذا هاج ريح المحبة استأنس ظلال المحبوب وآثر المحبوب على ما سواه باشر أوامره واجتنب نواهيه واختارهما على كل شيء غيرهما. وإذا استقام على بساط الأنس بالمحبوب مع أداء أوامره واجتناب نواهيه وصل إلى روح المناجاة والقرب ومثال هذه الأصول الثلاثة، كالحرم والمسجد والكعبة، فمن دخل الحرم أمن من الخلق، ومن دخل المسجد أمنت جوارحه أن يستعملها في المعصية، ومن دخل الكعبة أمن قلبه من أن يشغله لغير ذكر الله.
فانظر أيها المؤمن فإن كانت حالتك حالة ترضاها لحلول الموت، فاشكر الله على توفيقه وعصمته، وإن تكن الأخرى فانتقل عنها بصحة العزيمة، والذم على ما سلف من عمرك في الغفلة، واستعن بالله على تطهير الظاهر من الذنوب، وتنظيف الباطن من العيوب، واقطع زيادة الغفلة عن نفسك، واطف نار الشهوة من نفسك (1).
الكفاية: قال الإمام الصادق (عليه السلام): إن أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة،