رجع إلى الله وبرجوعه إليه تعالى يكون شديد القرب من الخالق، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه.
على إن التفكير العرفاني انجرف عن هذا الاتجاه بعد الصادق (عليه السلام)، وفسر العرفاء الآية القرآنية (إنا لله وإنا إليه راجعون) بمعنى أن الإنسان سيلحق بربه بعد موته، وقالوا: لا يلحق الإنسان به سبحانه وتعالى في حياته! وانطلقوا من هذه العقيدة يقولون إن الإنسان في مذهبهم يلتحق بعد موته بالقدرة الأزلية الأبدية، فيبقى حيا، ويشاهد الأمور الجارية في الدنيا، ويرى أهله وأصحابه، وتكون له قدرة على مساعدتهم في حل مشكلاتهم (1).
هذا ولا يقتصر الاعتقاد بحياة الإنسان بعد الموت على المسلمين وحدهم، وإنما ذهبت إلى هذا الاعتقاد الأديان السابقة على الإسلام. وإذا استثنينا المانوية والباطنية، لم نجد في الأديان القديمة كلها ما يقول بعدم وجود حياة بعد الموت، فحتى الأديان الهندية والبوذية التي تحرق جسد الميت، تؤمن بأن هناك عالما آخر بعد الموت سيبقى فيه الإنسان حيا. أما المانوية والباطنية فلا تؤمنان بيوم المعاد على هذه الصورة، وإن كان دعاة الباطنية تبينوا بعد وفاة الحسن الصباح أن الإيمان بالمعاد وفكرة العقاب يلعبان دورا كبيرا في نهي الإنسان عن ارتكاب المعصية وإتيان السيء من الأعمال، وعلى هذا شرعوا ينادون بصورة ما من صور يوم المعاد.
وفي بعض الأديان الأخرى كالأديان التي كانت سائدة في مصر القديمة، ارتبطت فكرة الثواب والعقاب بحياة الإنسان في هذا العالم، أي إن الإنسان بمجرد