كانا ينهلان من معين مشترك وإن التفكير الزرادشتي قد تأثر بالفكر الهندي، ولا ريب في أن الزرادشتيين قد استفادوا في آراءهم العرفانية والصوفية من عرفان الهنود وتصوفهم وتأثروا بهما أكثر مما تأثروا أو استفادوا من أي مصدر آخر.
إن مذهب زردشت القائل بمبدأين (1) هما مبدأ الخير ومبدأ الشر، يختلف اختلافا جذريا عن الهندوكية القائلة بالتثليث، فإن مذهب زردشت قد بنى تعاليمه على الثنائية، وكان يدين بأن العالم مبني على الأضداد وإن لكل شيء قطبين هما القطب المثبت والقطب المنفي.
ولو أن الشيخ الخرقاني حالفه النجاح في التفرقة بين العرفان والتصوف في فارس والعرفان في مدرسة الإسكندرية، لأدرك أن العرفان عند زردشت نابع من ثنائية التفكير، في حين إن العرفان الذي أرسى الصادق (عليه السلام) معالمه وأوضح سبله في مدرسته هو عرفان توحيدي لا أثر للثنائية ولا للتثليث فيه، فعرفان الصادق (عليه السلام) هو أسمى ما وصل إليه الفكر البشري لبلوغ الصفاء والتكامل النفسي والروحي؛ لأنه عرفان إلهي نبوي علوي. وكان مذهبه من السمو والرفعة بحيث تقاصر عن فهمه وتحليله وتبنيه كثير من الناس سواء