لأن حديث الغرام والعشق غير موجود في الدفاتر (1).
ومنذ القرن الثاني للهجرة بدأ العرفاء والزهاد يتوزعون حول الأقطاب والمرشدين، فأبدعوا وأسسوا مدارس ومذاهب تربو على المئتين عرفانية.
ويقول صاحب " تذكرة الأولياء " وهو من الكتب المشهورة في أحوال العرفاء والصوفية، وقد جمع فيه مؤلفه الروايات الموثوق بها والضعيفة، يقول:
إن بايزيد البسطامي العارف الشهير كان من تلامذة جعفر الصادق (عليه السلام)، أخذ عنه العرفان. وساق الحديث على النحو التالي: إن بايزيد البسطامي، بعد ما تعلم العلوم المتداولة، اتجه إلى العرفان، وطاف حول العالم بحثا عن العرفاء العظام، وتحمل المشاق والحرمان ثلاثين سنة، وحضر مجلس مائة وثلاثة عشر عارفا كان آخرهم الإمام الصادق (عليه السلام). وكان يحضر درسه كل يوم معدا نفسه للاغتراف من منهله ما أمكن، فسأله الصادق يوما: ناولني الكتاب الذي في الرف فوق رأسك.
فسأل بايزيد: وأي رف هذا؟
فقال له الصادق: تسألني عن الرف وأنت تحضر كل يوم هنا من زمن بعيد؟
فقال بايزيد: إنني لم أشاهد غيرك هنا، لأنني أتيت للقائك والاستماع إلى حديثك.
فقال له الصادق: يا بايزيد، أنت كملت الدرس والحلقة، فعد إلى بلادك وعلم الناس ما تعلمت. فقام وعاد إلى بسطام في يومه.
ولعل صاحب " تذكرة الأولياء " كان يعتقد بصحة هذا الحديث. ولكنه لم يراع التسلسل الزمني وتتابع الحوادث، ولولا ذلك لقلنا اختلق هذه الرواية