مركب من عناصر مختلفة، ولم يمض وقت طويل حتى فوجئ المجتمع العلمي في يوم من أيام سنة 1794 م بنبأ إعدام لافوازييه بالمقصلة في الثورة الفرنسية، وهكذا انتهت حياة أبي الكيمياء الحديثة، ولو قد مد في عمره، لحقق بلا ريب إنجازات أخرى، ولأجرى تجارب علمية جديدة لها أهميتها أيضا.
فلا بد إذن من الاعتراف بأن جعفرا الصادق، بذهابه إلى أن الهواء مركب من عناصر مختلفة، قد سبق عصر العلم والاكتشافات الحديثة بألف سنة.
وعند الشيعة أن جعفرا الصادق (عليه السلام) كان يعلم المجهول ويكشف أسراره بقوة الإمامة، وهي قوة إلهية لدنية لا تتوافر إلا للإمام المعصوم وحده، ولكننا نرى أن جعفرا الصادق (عليه السلام) قد توصل إلى هذا الكشف بنقاء تفكيره وذكائه (1). ولو كان عالما بالغيب، لكشف قانون تحويل المادة إلى طاقة، وهو ما اهتدى إليه أينشتاين، وغيره من القوانين والكشوف العلمية التي تحققت بعد هذه الفترة. ولكن الصادق (عليه السلام) لم يشر إلى أنه بقوى خفية، وإنما هو قد اجتهد في إثبات حقيقة علمية عز على علماء القرن الثامن عشر الميلادي فهمها، فقد ذهب هؤلاء العلماء - بعد اكتشاف لافوازييه - إلى أن الأوكسجين هو وحده المادة الحيوية في الهواء، وأن الأجزاء الأخرى في الهواء منعدمة النفع أو ضارة، في حين إن جعفرا الصادق قال إن الهواء مركب من عناصر، وإن عناصره ضرورية للتنفس ولبقاء الحياة.
وفي منتصف القرن التاسع عشر، صحح العلماء رأيهم في الأوكسجين، بعد ما تبينوا أن هذا العنصر الهام اللازم لتنقية الدم واستمرار الحياة عند الإنسان