الأهمية بمكان، الأول وصول نموذج الكرة الجغرافية من مصر، أما الثاني فكان قيام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك برحلة إلى الحجاز، وزيارته للمدينة المنورة.
وكانت رحلة الخليفة من عاصمة الأمويين في الشام إلى الحجاز، من قبيل الزيارات الرسمية التي تقترن بالتشريفات والأبهة والمراسم الملكية المنقولة عن التشريفات الإمبراطورية البيزنطية (بلاد الروم الشرقية). ومن مقتضى هذه التشريفات أن تسبق الخليفة طلائع من الحرس والخدم، ليهيئوا له أسباب الراحة في كل منزل وموقع.
خرج والي المدينة عمر بن عبد العزيز مسافة خمسين فرسخا ليستقبل الخليفة بعدما أعد أوسع بيوت المدينة ودورها لنزول الخليفة وحاشيته.
ووصل الوليد بن عبد الملك إلى المدينة، وأذن للناس بالدخول عليه في اليوم التالي، وكان عمر بن عبد العزيز يحث الأشراف والتابعين من الصحابة على أن يكونوا في مقدمة الزائرين والمرحبين بالخليفة، وكان يعلم أن الإمام الباقر (عليه السلام) ليس ممن يسعى إلى الخلفاء والملوك، فتدارك الأمر، وجاء بنفسه إلى الإمام الباقر (عليه السلام) وسأله: هل تزور الخليفة غدا؟
فرد عليه الإمام بالنفي.
فلم يستفسر عمر بن عبد العزيز عن سبب ذلك، لأنه كان يعلم أن الإمام الباقر (عليه السلام) لا يرى للخليفة بيعة في عنقه، ولا ولاء أو حبا له في قلبه يدعوه إلى زيارته.
ولكنه قال للإمام الباقر (عليه السلام): إن هذه المدينة مدينة جدك، والزائر لها أينما نزل نزل بدارك، وهو ضيف عليك، وهذا هو الوليد بن عبد الملك إن لم يكن خليفة فهو مسلم زائر نزل بدارك، أو ما تكرمه؟