فأجاب الباقر (عليه السلام): من نزل علينا كزائر وضيف وجب حقه علينا، ولكن الوليد بن عبد الملك نزل هنا، ويرى نفسه صاحب الحق والخلافة، فهو إذن صاحب الدار وليس ضيفا علينا.
فقال عمر بن عبد العزيز: إنني أعلم سبب امتناعك عن لقاء الوليد، حتى لا يقول الناس إنك بايعته وأعطيته يدك.
فوافقه الإمام الباقر (عليه السلام) على قوله.
وعاد عمر بن عبد العزيز يقول: إن جدك بايع على غير رغبة الخليفة الأموي، وكانت في تلك البيعة مصلحة للمسلمين، فزيارتك للوليد غدا ليست بيعة، وإنما هي لمنع الفساد ولمصلحة المسلمين، وامتناعك عن زيارته سيجلب علي المشاكل.
قال الإمام الباقر (عليه السلام): وكيف يكون ذلك؟
قال عمر بن عبد العزيز: أنت تعلم أن للوليد أعينا في كل مكان يخبرونه عن كل ما يجري (وكان للدولة الأموية - بالفعل - جهاز للأمن أسسه معاوية ابن أبي سفيان لأول مرة في التأريخ الإسلامي، واستمر نشاطه مع الخلافة)، والخليفة يعلم ما أكن لك من ود واحترام، فإذا امتنعت عن لقائه، فقد يظن أن هذا من صنعي أنا، وسيقول: لولا احترامك له ما حدث هذا، وقد ينتهي الأمر بعزلي من منصبي ومسؤوليتي هذه، وأنا أحب أن أحظى بلقائك والاستماع إلى حديثك دوما.
فقال الإمام الباقر (عليه السلام): ما كان ذلك غرورا أو كبرياء مني، ولكني آثرت العزلة على مخالطة السلاطين، وما دام الأمر كما تقول، فسآتيه غدا لأمنع الغدر عن المسلم.
ففرح عمر بن عبد العزيز عندئذ، واستأذن الإمام في أن يخبر الخليفة بذلك،