آثار النجس على المشتبه، التي منها الاجتناب عن ملاقيه، كما أن منها الامتناع عن تناوله أكلا وشربا، ولا يعلم امتثال هذا الخطاب إلا بالامتناع عن ملاقي المشتبه أيضا، فيكون ذلك أيضا مقدمة علمية للامتثال.
قلت: آثار النجس الواقعي على قسمين:
أحدهما: ما ليس له في ترتبه موضوع سوا نفس النجس المعلوم وجوده هنا فيما بين المشتبهين، كحرمة تناوله أكلا وشربا، وعدم إجزاء استعماله في مشروط بالطهارة.
وثانيهما: ما له في ترتبه موضوع أثبته الشارع، لا يترتب ذلك الحكم إلا بعد كون ذلك الموضوع محرزا، كوجوب الاجتناب عن ملاقي النجس، فأنه حكم تابع لموضوعه وهو الملاقاة، وهو في المقام غير محرز، لعدم تبين كون الملاقى - بالفتح - هو النجس الواقعي، ومجرد الاحتمال غير كاف في ذلك، فحينئذ لم يعلم كون الاجتناب عن الملاقي - بالكسر - المفروض هنا من آثار النجس المشتبه، كما علم ذلك في الملاقي لكلا المشتبهين.
وبجميع ما ذكر ينقدح أنه لو فقد المشتبه الملاقي لم يكن المشتبه الآخر مع الملاقى من باب الشبهة المحصورة كما قد يتوهم.
نعم، لو اتفق اشتباه الملاقى بالمشتبه الملاقي أو صاحبه استقرت الشبهة بين الجميع، لدخول الملاقى في دائرة العلم الإجمالي.
وثانيها: لو انصب أحد الإنائين بعد ملاقاة النجاسة وقبل العلم بها، فإذا علم بها حصل الاشتباه في محل الملاقاة هل هو الإناء المنصب أو الباقي؟ لم يجب الاجتناب عن الباقي لا أصالة ولا مقدمة.
أما الأول: فلعدم تبين كون الملاقاة بالنسبة إليه.
وأما الثاني: فلعدم تنجز التكليف بذي المقدمة، أما قبل الانصباب فلعدم العلم بتحقق السبب، وأما بعده فلعدم العلم ببقاء الموضوع.
ومن هذا الباب ما لو انصب أحد الإنائين بعد الاشتباه الطاري لمحل الملاقاة المعلومة، ضرورة أن ارتفاع موضوع الحكم من مسقطاته، وبقاؤه مع هذا الفرض غير معلوم، ومعه لا يعلم ببقاء التكليف. ولا يمكن إبقاء الموضوع بحكم الاستصحاب، لأن