واستحسنه في المدارك (1)، فما في كلام شارح الدروس من المناقشة فيه: " بعدم دليل عام يدل على نجاسة جميع المايعات بملاقاة النجاسة أو المتنجس بأي نحو كان " (2) ليس على ما ينبغي بعد استفادة عموم القاعدة من الأخبار الجزئية الواردة في موارد مخصوصة.
ثم لا يذهب عليك أن الحكم المستفاد من تلك القاعدة بالقياس إلى محل البحث مخصوص بما عدا الأجزاء العالية فيما اختلفت سطوحه، بناء على أصالة عدم سراية النجاسة من السافل إلى العالي على الوجه الذي قدمناه مفصلا في مستثنيات انفعال القليل، من غير فرق فيه بين المطلق والمضاف كما تقدم ذكره، وفاقا لبعض مشايخنا المحققين (3)، وممن صرح به هنا بالخصوص صاحب المدارك مدعيا فيه القطع، حيث إنه بعد ما استحسن الدليل المتقدم على الانفعال قال: " ولا تسري النجاسة مع اختلاف السطوح إلى الأعلى قطعا، تمسكا بمقتضى الأصل السالم من المعارض " (4) انتهى.
ولا ريب أن دعوى القطع لا تقصر عن دعوى الإجماع، وإن كان الجمع بينهما وبين التمسك بالأصل لها مما لا يكاد يمكن، غير أنه (قدس سره) أعلم بحقيقة ما ادعاه، وقد تقدم في البحث المذكور عن الشهيد في روض الجنان (5) وعن غيره دعوى عدم معقولية السراية، فإنها وإن كانت لا تخلو عن إشكال كما تقدم وجهه، لكنه في قوة نقل الإجماع الكاشف عن عدم وجدانهم الخلاف في المسألة، الكاشف عن عدم وجوده.
وقد يوجه: بأن مرادهم عدم تعقل المتشرعة له وعدم دخوله في أذهانهم لا عدم المعقولية المصطلح عليه عند أهل المعقول، فإن عدم السراية إلى الأعلى في مطلق المايعات من الامور المركوزة في أذهان المتشرعة، الكاشفة عن بناء الشارع عليه واعتقاده به.
وبالجملة: لم نقف على مخالف في ذلك عدا السيد الجليل في مناهله (6) - فيما