على ما حكي عن صريح كلامه فيها من أنه لا يفتي فيها إلا بمتون الروايات من دون تغيير أو مع تغيير يسير، وإذا ثبتت الشهرة المدعاة على هذا القول كانت جابرة لإرسالها، فهذا القول متعين لكن على تقدير صحة الحكايتين.
وأما ما عرفت عن المعتبر من المناقشة فيه، فيدفعه أولا: ما في المدارك (1) من تقييد هذا القول بالبناء على القول بنجاسة الذرق، فإن كان القول بالنزح هنا مما لابد من دفعه فلابد من بناء دفعه على منع ما هو مبني عليه كما منعه في الكتاب المذكور.
وثانيا: بأن مرسلة النهاية على تقدير صحة الحكايتين كما أنها تصلح مستندة للنزح تصلح مستندة لنجاسة الذرق، فتأمل.
وثالثا: بأن الحكم بالنزح قد يكون لمحض التعبد كما هو الحال في اغتسال الجنب على ما تقدم، ولا سيما على مذهب الشيخ القائل بالوجوب التعبدي في سائر النجاسات، فعلى فرض ثبوت المرسلة واعتبارها اتضح مستند الحكم وإن قلنا بمنع الملازمة بين إيجاب النزح ونجاسة الموجب كما أشرنا إلى إمكانه في الأمر بالتأمل.
واحتمل بعضهم الاستناد إلى الإجماع، كما نقل ادعاؤه في الروض (2) على عدم وجوب الزائد على الخمس، مع ضميمة أن الأقل غير مبرء للذمة بعنوان اليقين.
ونوقش فيه بمخالفة أبي الصلاح، فإنه قال: " بأن خرء ما لا يؤكل لحمه يوجب نزح الماء " (3).
وفيه: ظهور كلام أبي الصلاح فيما لا يؤكل لحمه بأصل الشرع لا من جهة العارض، هذا مع ما قيل في دفعها من أن المخالفة من معلوم النسب غير مضرة في انعقاد الإجماع على رأي القدماء ومن وافقهم.
ومما بيناه يتبين ضعف ما يوهمه كلام بعضهم من لحوق ذرق الدجاج الجلال بمورد كلام أبي الصلاح الذي لا مدخل له بالمقام.
وأضعف منه ما في المدارك من قوله: " واستقرب المصنف في المعتبر دخوله في قسم العذرة " (4)، فاعترض عليه بقوله: " وفيه بعد " (5).