الإجماع على الثالث، مع أن الامتزاج الكلي لا يحصل في شئ.
ورابعا: أن الامتزاج ليس كاشفا عن الطهارة حين الملاقاة قطعا بل يتوقف عليه، والمفروض أن الماء المعتصم يخرج عن كونه كرا أو جاريا أو ماء غيث قبل تمام الامتزاج الكلي.
وخامسا: أنه إذا القي النجس الكثير في المطهر القليل بحيث يستهلك فيه؛ فإما أن يحكم بالنجاسة وهو خلاف الأصل والإجماع؛ أو بالطهارة وهو المطلوب؛ وكذلك عكسه إذا سيق المطهر عن مجاري متعددة بل دفعة، وغاية ما يمكن أن يقال: إنه يطهر أجزاءه المخالطة له وهكذا بالتدريج.
وفيه: مع استلزامه المنع عن استعمال الماء قبله بلا دليل؛ واختلاف الماء الواحد في السطح الواحد، أنه إنما يتم إذا اجتمع الاجزاء المختلطة بحيث لا يتوسط بين الكر منها النجس وعلم ذلك والمعلوم مع الاستهلاك خلافه.
وأما الثاني: فإن اريد بالبعض مسماه فهو المطلوب؛ أو القدر المعين فلابد من أن يبين، أو الأكثر بالأكثر تقريبا فلا دليل عليه، مع أن الفرق بين الا بعاض غير معقول، مضافا إلى ورود كثير مما ذكر في الأول هنا " (1) انتهى.
وفيه: أن الامتزاج إذا اريد به انتشار الأجزاء في الأجزاء على وجه يزول معه الامتياز بينهما في نظر العالم بالحال فلا استحالة فيه، ولا أن الاطلاع عليه محال بل هو ممكن ضرورة من الحس والوجدان، وظهور كلام العلامة في المسألتين المشار إليهما في عدم اعتبار الامتزاج الكلي ليس بأقوى من صريح كلامه في جملة من كتبه في نفي اعتباره؛ والمفروض أن القائل باعتبار الامتزاج لا يعتني بمثل هذه المخالفة وإن ثبتت منه بنحو الصراحة، مع أنه لو كان مستنده في دعوى الاعتبار هو الأصل تكون هذه المخالفة محققة لموضوع ذلك الأصل، فالاستشهاد بها حينئذ لا يجدي نفعا في إلزامه؛ والامتزاج عند هذا القائل يعتبر ناقلا لا كاشفا وعند خصمه لا يترتب عليه أثر، فهو على كلا المذهبين غير مناف لبقاء الماء المعتصم كائنا ما كان على طهارته وطهر المتنجس، وبعد ما كان الحكمان متفقا عليهما عند الفريقين فبأي شئ يلزم أحد