وأضعف منه ما عن كشف الالتباس - عند نقل هذا القول - " من أن عليه فتوى شيوخ المذهب، كالسيد والشيخ وابني إدريس وحمزة وأبي عقيل " (1).
فإن السيد له قول آخر في مقابلة هذا القول، والشيخ غير خبير بإطلاق هذا القول، وإن حكم عليه بالقوة فيما سبق من عبارة المبسوط (2)، بناء على التوجيه المتقدم في منع توهم اختياره، وابن إدريس له كلام محكي عن السرائر يأبى عن ذلك، حيث قال:
" وإن أصابه من الماء الذي يغسل به الاناء، فإن كان من الغسلة الاولى يجب غسله، وإن كان من الغسلة الثانية أو الثالثة لا يجب غسله، وقال بعض أصحابنا: لا يجب غسله سواء كان من الغسلة الاولى والثانية، وما اخترناه هو المذهب الخ " (3). فإن هذا الكلام صريح في موافقته أهل القول بالفرق بين الغسلتين.
نعم، كلامه هذا مذيل بما ينافي ظاهره اختياره هذا المذهب، فإنه بعد ما ذكر هذا الكلام أخذ بنقل عبارة السيد المتقدمة في مسألة الفرق بين الورودين في انفعال القليل، ثم قال - بعد نقل هذه العبارة -: " قال محمد بن إدريس: وما قوى في نفس السيد صحيح، مستمر على أصل المذهب، وفتاوي الأصحاب به " (4) انتهى.
فإن ذلك يقضي باختياره القول الآتي في الفرق بين الورودين، في مسألة الغسالة الذي جعله الشهيد وغيره قولا آخر مقابلا للأقوال الاخر.
ولكن يمكن دفع المنافاة بأنه إنما تصدى بنقل عبارة السيد في مسألة انفعال القليل تنبيها على موافقته للسيد في تلك المسألة، ليكون نتيجته التنبيه على أنه في مسألة الغسالة أيضا يعتبر - مع ما تقدم - ورود الماء على المحل، فلازم الجمع بين صدر كلامه وذيله أنه يقول بنجاسة الغسالة في الغسلة الاولى، وطهارتها في الغسلة الثانية بشرط ورود الماء على المحل، وأما مع العكس فلازمه القول بالنجاسة مطلقا، وكيف كان فهو ليس قائلا في الغسالة بالطهارة مطلقا.
وأما ابن حمزة، فالمنقول عنه في الذكرى (5)، من أنه والبصروي سويا بينه وبين