وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة بالحسن بن صالح الثوري إلا أنها في حكم الصحيح بوجود ابن محبوب في سندها، الذي هو من أصحاب الإجماع، ولي فيها بعد تأمل يأتي وجهه في مسألة تحديد الكر.
ومنها: ما رواه الشيخ في التهذيب في باب زيادات المياه، في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباهها تطأ العذرة، ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء " (1).
ومنها: ما رواه في التهذيب أيضا في باب آداب الأحداث، في الصحيح عن إسماعيل بن جابر، قال: سألت أبا عبد الله عن الماء الذي لا ينجسه شئ؟ قال: " كر " (2).
وبالجملة: هذا الحكم بملاحظة تظافر الروايات الصحيحة عليه مع انضمام عمل الأصحاب عليها من قطعيات الفقه التي لا يمكن الاسترابة فيها، نعم ربما يوجد في أخبارنا ما يقضي منها بما يخالف ذلك ظاهرا، مثل ما في التهذيب في زيادات باب المياه، في المرسل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ، والقلتان جرتان " (3)، وما رواه في الكافي - في الصحيح - عن زرارة قال: " إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ الخ " (4).
ولكن الأمر في ذلك هين بعد ملاحظة سقوط هذا النوع من الأخبار عن درجة الاعتبار، من جهة كونها معرضا عنها الأصحاب كلمة واحدة، مع ملاحظة ظهور احتمال خروجها مخرج التقية كما هو واضح في خبر القلتين، لموافقته مذهب الشافعي (5) وأحمد (6) من العامة كما عرفت، مضافا إلى إمكان تطرق التأويل إليها بحمل القلتين أو الراوية أو غيرهما على ما يسع مقدار الكر كما صنعه الشيخ في التهذيب (7)