وفيه: منع اعتبار قيام الأثر المؤثر في التنجس في تأثيره بعين النجاسة حين التأثير، بل المعتبر حصوله فعلا مع استناده إلى عين النجاسة الواقعة في الماء، سواء بقيت معه حين تأثيره في التنجس أم زالت.
وإن شئت فقل: إن ما يستفاد من أدلة الباب هو أن المؤثر في نجاسة الماء ليس هو عين النجاسة ولو عارية عن أثرها، ولا أثرها كيفما اتفق حتى بالمجاورة، بل هو العين بشرط كونها مستتبعة لأثرها في الماء حسا، أو هو الأثر بشرط استناده إلى وقوع العين فيه، وأما اشتراط بقائها حين تأثير ذلك الأثر أثره فلم يقم عليه من الشرع دلالة، فينفي احتماله بإطلاق الأدلة المعطية إياه كونه مؤثرا.
وسادسها: أنه لو القي في الماء طاهر أحمر حتى استعد لأن يحمر بقليل من الدم، فالقي فيه فتغير، فلا سبيل إلى الحكم بنجاسته كما هو ظاهر، فعلم أن الملحوظ في نظر الشارع حال الماء قبل حدوث الطواري، فلا عبرة بتغيره بإعداد الطوارئ و لا بعدمه لمنعها.
وفيه: أن هذا الفرض داخل في جزئيات ما فرضناه في الفرع الأول، لأن مرجعه إلى فرض كون الحمرة الناشئة من الدم جزء لعلة التنجس، غايته أنه هنا جزء أخير منها، وقد تبين حكمه من حيث عدم إيجابه الحكم بنجاسة الماء معه، ولكنه لا يكشف عما ذكر في متن الدليل، بل غايته الكشف عن كون العبرة في الموجب لتنجس الماء في نظر الشارع بما لو كانت النجاسة علة تامة للتغير، ولا يكفي فيه كونه جزءا للعلة، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون في نظره عبرة بعدم الطواري، نظرا إلى أنه لولاه كانت الطواري مانعة عن تأثر الماء وانفعاله.
وسابعها: أنه كما استفيد من مجموع أخبار الباب اعتبار الصفات الثلاث، كذلك المحصل منها بعد الجمع بينها أن المعتبر في طهارة الماء غلبته على النجاسة وقهره لصفاتها، بحيث لا يوجد شئ منها في الماء على وجه يصلح لتغييره أصلا.
وفيه: أولا منع استفادة هذا المعنى من الأخبار، بل الذي يستفاد منها بعد الجمع وإعمال القواعد - كما تقدم - هو كون العبرة في التنجيس بغلبة صفة النجاسة على صفة الماء إذا كانت من الثلاث المذكورة.
وثانيا: منع الملازمة بين المغير للماء أو ما هو صالح للتغيير وبين كونه غالبا على