أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة ثم سألتك عن جهدهم ورحمتي إياهم ان تسألني ان أمطر السماء عليهم فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقت الجوع فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك فاهبط من موضعك واطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك، فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب اكلة من جوع فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فاقبل نحوه فهجم على عجوز وهي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها أيتها المرأة اطعميني فانى مجهود من الجوع، فقالت له يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا وحلفت انها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية قال لها أطعميني ما أمسك به روحي وتحملنى به رجلي إلى أن اطلب، قالت إنهما قرصتان واحدة لي والاخرى لابنى فان اطعمتك قوتي مت وان اطعمتك قوت ابني مات، فقال لها ان ابنك يجزيه نصف قرصة فيحيى بها ويجزيني النصف الاخر فأحيا به فأكلت المرأة قرصها وكسرت الاخر بين إدريس وبين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتى مات، قالت امه يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته، قال إدريس فانا احييه بإذن الله تبارك وتعالى فلا تجزعي ثم اخذ إدريس بعضدي الصبى ثم قال ايتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وانا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله، فلما سمعت المرأة كلام إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت اشهد انك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم.
ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الأول وهي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي أجهدنا فيها ومسنا الجوع والجهد فادع الله لنا ان يمطر السماء علينا قال لا حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا ليأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له ان الجبار بعث إليك لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له