فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه واستصغر عمله، فقال: يا عبد الله بأي شئ قويت على هذه الصلاة؟ فلم يجبه، ثم أعاد عليه فقال يا عبد الله اني أذنبت ذنبا وانا تائب منه، فإذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة قال فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب: فإذا فعلته قويت على الصلاة، قال ادخل المدينة فسل عن فلانة البغية فاعطها درهمين ونل منها، قال ومن أين لي الدرهمان وما أدري ما الدرهمين، فتناول الشيطان من تحت قدميه درهمين فناوله إياهما.
فقام ودخل المدينة بجلابيبه يسأل عن منزل فلانة البغية فأرشده الناس، وظنوا انه جاء يعظها.
فجاء إليها بالدرهمين وقال قومي فقامت فدخلت منزلها وقالت ادخل، وقالت انك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها، فأخبرني بخبرك فأخبرها، فقالت له:
يا عبد الله ان ترك الذنب أهون من طلب التوبة، وليس كل من طلب التوبة وجدها وإنما ينبغي ان يكون هذا شيطانا مثل لك فانصرف فإنك لا ترى شيئا.
فانصرف، وماتت من ليلتها، فأصبحت وإذا على بابها مكتوب: أحضروا فلانة (البغية) فإنها من أهل الجنة، فارتاب الناس، فمكثوا ثلاثا لا يدفنوها، ارتيابا في أمرها.
فأوحى الله عز وجل إلى نبي من الأنبياء لا اعلمه إلا موسى بن عمران صلوات الله عليه إن إئت فلانة، فصل عليها، ومر الناس ان يصلوا عليها، فاني قد غفرت لها ووجبت لها الجنة، بتثبيطها عبدي فلانا عن خطيئته.
(الكافي) باسناده إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأله حمران قال جعلني الله فداك، لو حدثتنا متى يكون هذا الأمر فسررنا به قال يا حمران ان لك أصدقاء وإخوانا ومعارف، ان رجلا كان فيما مضى من العلماء، وكان له ابن لم يكن يرغب في علم أبيه ولا يسأله عن شئ، وكان له جار يأتيه ويسأله ويأخذ عنه.
فحضر الرجل الموت، فدعا ابنه فقال: يا بني إنك كنت تزهد فيما عندي وتقل رغبتك فيه ولم تكن تسألني عن شئ، ولي جار قد كان يأتيني ويسألني ويأخذ مني ويحفظ عني، فان احتجت إلى شئ فأته، وعرفه جاره، فهلك الرجل