ثم مضى فالتفت فإذا الطشت قد ظهر فقال: قد فعلت ما أمرني ربي عز وجل فمضى فإذا بطير وخلفه بازي، فطاف الطير حوله، فقال: امرني ربي ان اقبل هذا، ففتح كمه فدخل الطير فيه، فقال له البازي: اخذت صيدي وأنا خلفه منذ أيام فقال: ان ربي عز وجل أمرني ان لا آيس هذا، فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى.
فلما مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود، فقال: امرني ربي عز وجل ان اهرب من هذا، فهرب ورجع.
ورأى في المنام كأنه قد قيل له: انك فعلت ما أمرت به، فهل تدري ماذا كان؟ قال: لا، قال له:
أما الجبل: فهو الغضب، ان العبد إذا غضب لم ير نفسه وجعل قدره من عظم الغضب، فإذا عرف نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كان عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها.
وأما الطشت: فهو العمل الصالح، إذا كتمه العبد وأخفاه أبى الله عز وجل إلا ان يظهره، ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة.
وأما الطير: فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة، فاقبله واقبل نصيحته.
وأما البازي: فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة، فلا تؤيسه.
وأما اللحم المنتن: فهو الغيبة، فاهرب منها.
(قصص الراوندي) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان الله تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: اني أحببت ان تلقاني غدا في حضيرة القدس فكن في الدنيا غريبا مهموما محزونا متوحشا من الناس بمنزلة الطير الواحد، فإذا كان الليل آوى وحده استوحش من الطيور واستأنس بربه.
(الكافي) عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر نبي من أنبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج قد نقبته الطير ومزقته الكلاب.
ثم مضى فرفعت له مدينة فدخلها، فإذا هو بعظيم من عظمائها ميت على سرير