بالشام، فقال له: انه يعبد صنما، فقال له: أيها الملك إقبل نصيحتي لا ينبغي للخلق ان يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلا إليه، فقال له الملك: من أي ارض أنت؟ قال:
من الروم قاطنين بفلسطين، ثم أمر بحبسه ثم مشط جسده بأمشاط من حديد حتى تساقط لحمه ونضج جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة ثم أمر بمكاو من حديد تحمى فيكوى بها جسده، ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فضربوها في فخذيه وركبتيه وتحت قدميه، فلما رأى أن ذلك لم يقتله أمر بأوتاد طوال من حديد فوتدت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فأذيب وصب على اثر ذلك ثم امر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه.
فلما أظلم الليل وتفرق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له:
يا جرجيس ان الله جلت عظمته يقول: اصبر وابشر ولا تخف ان الله معك يخلصك وانهم يقتلونك أربع مرات، في كل ذلك ارفع عنك الألم والأذى.
فلما أصبح الملك دعاه فجلده بالسياط على الظهر والبطن ثم رده إلى السجن ثم كتب إلى أهل مملكته ان يبعثوا إليه بكل ساحر، فبعثوا بساحر استعمل كلما قدر عليه من السحر، فلم يعمل فيه.
ثم عمد إلى سم فسقاه، فقال جرجيس: بسم الله الذي يضل عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة، فلم يضره، فقال الساحر: لو اني سقيت بهذا أهل الأرض لنزفت قواهم وعميت أبصارهم، فأنت يا جرجيس النور المضئ والسراج المنير والحق المبين، أشهد ان إلهك حق وما دونه باطل، آمنت به وصدقت رسله واليه أتوب مما فعلت.
فقتله الملك، ثم أعاد جرجيس صلوات الله عليه إلى السجن وعذبه ألوان العذاب، ثم قطعه اقطاعا وألقاه في جب.
ثم خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب، فأمر الله تعالى أعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتى أشفقوا ان يكون هلاكهم، وأمر الله ميكائيل فقام على رأس الجب وقال: قم يا جرجيس بقوة