فضعيها على ثورك وقولي ان جرجيس يقول: قم بإذن الله تعالى. ففعلت، فقام حيا، فآمنت به.
فقال الملك: إن تركت هذا الساحر هلك قومي، فاجتمعوا كلهم على أن يقتلوه، فأمر به ان يخرج ويقتل بالسيف، فقال جرجيس عليه السلام لما خرج:
لا تعجلوا علي، فقال: اللهم إن أهلكت أنت عبدة الأوثان أسألك ان تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرب إليك عند كل هول وبلاء، ثم ضربوا عنقه فمات، ثم أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلهم.
(الكافي) باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس إذ جاءته امرأة، فرحب بها واخذ بيدها وأقعدها، ثم قال: ابنة نبي ضيعه قومه خالد بن سنان، دعاهم فأبوا ان يؤمنوا به، وكانت نار يقال لها:
نار الحدثان: تأتيهم كل سنه فتأكل بعضهم، وكانت تخرج في وقت معلوم، فقال لهم إن رددتها عنكم تؤمنون؟ قالوا: نعم.
قال: فجاءت فاستقبلها بثوبه فردها ثم تبعها حتى دخلت كهفها ودخل معها وجلسوا على باب الكهف وهم لا يرون ألا يخرج ابدا، وهو يقول: زعمت بنو عبس اني لا اخرج ابدا، ثم قال: تؤمنون بي؟ قالوا: لا، قال: فاني ميت يوم كذا وكذا فإذا انا مت فادفنوني، فإنه سيجيء قطيع من حمر الوحش يقدمها عير أبتر حتى تقف على قبري، فانبشوني وسلوني عما شئتم.
فلما مات دفنوه، وكان ذلك اليوم إذ جاءت الحمر الوحشية وجاؤوا يريدون نبشه، فقالوا: ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد وفاته، ولئن نبشتموه ليكون عليكم فاتركوه، فتركوه.
أقول: قال السيوطي نقلا عن العسكري في ذكر اقسام النار: نار الحرتين كانت في بلاد عبس تخرج من الأرض فتؤذي من مر بها، وهي التي دفنها خالد بن سنان النبي عليه السلام.