فردهم إلى بيت المقدس، فأقامهم به مائة سنة على الطريقة المستقيمة.
ثم عادوا إلى الفساد والمعاصي فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه انطياخوس فخرب بيت المقدس وسبى أهله.
(تفسير علي بن إبراهيم) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي وعتوا عن امر ربهم، أراد الله ان يسلط عليهم من يذلهم ويقتلهم فأوحى الله إلى إرميا: يا إرميا ما بلد انتخبته من بين البلدان وغرست فيه من كرائم الشجر فأخلف، فأنبت خرنوبا. فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل فصام إرميا سبعا، فأوحى الله إليه: يا إرميا اما البلد فبيت المقدس، واما ما نبتت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها، فعملوا المعاصي وغيروا ديني وبدلوا نعمتي كفرا، فبي حلفت لأمتحنهم بفتنه يظل الحكيم فيها حيران ولأسلطن عليهم شر عبادي ولادة وشرهم طعاما، فليتسلطن عليهم فيقتل مقاتليهم ويسبي حريمهم ويخرب بيتهم التي يغترون به ويلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة، فأخبرهم اخبار بني إسرائيل فقالوا: راجع ربك فقل له: ما ذنب الفقراء والمساكين والضعفاء؟ فصام إرميا سبعا ثم أكل اكلة فلم يوح إليه شئ، ثم صام سبعا واكل اكلة فلم يوح إليه شئ، ثم صام سبعا، فأوحى الله إليه: يا إرميا لتكفن عن هذا أو لأردن وجهك إلى وراءك.
ثم أوحى الله إليه: قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فقال إرميا يا رب أعلمني من هو حتى آتيه وآخذ لنفسي وأهل بيتي منه أمانا قال: إئت موضع كذا وكذا فانظر إلى غلام أشدهم زمانة وأخبثهم ولادة وأضعفهم جسما وأشرهم - غذاءا فهو ذاك.
فأتى إرميا إلى ذلك البلد، فإذا هو بغلام في خان زمن ملقى على وسط مزبلة وإذا له أم تربي بالكسر وقعت الكسر في القصعة وتحلب عليه خنزيرة لها ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله.
فقال إرميا: إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا، فدنى منه وقال: