قال فدفعه عيسى إلى أمه، فعاش عشرين سنة وتزوج وولد له.
وفي (تفسير الحسن العسكري عليه السلام) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عباد الله ان قوم عيسى (ع) لما سألوه ان ينزل مائدة من السماء (قال الله اني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فاني أعذبه عذابا لا أعذب به أحدا من العالمين) فأنزلها عليهم فمن كفر بعد فمسخه الله، اما خنزيرا واما قردا واما دبا واما هرا واما على صورة بعض الطيور والدواب التي في البحر، حتى مسخوا على أربعمائة نوع من المسخ.
وقال أبو جعفر عليه السلام المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب عليها تسعة ألوان وتسعة أرغفة.
وقيل لعيسى: ما لك لا تتزوج؟ قال وما اصنع بالتزويج؟ قيل يولد لك، قال وما اصنع بأولاد إن عاشوا افتتنونا وإن ماتوا أحزنونا.
وقال أمير المؤمنين (ع) في بعض خطبه: وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن وكان أدامه الجوع وسراجه بالليل القمر وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها وفاكهته ريحانة ما أنبتت الأرض للبهائم ولم تكن له زوجة تفتنه ولا ولد يحزنه ولا مال يتلفه ولا طمع يذله ودابته رجلاه وخادمه يداه.
وفي (إرشاد القلوب) قال عيسى: خادمي يداي ودابتي رجلاي وفراشي الأرض ووسادي الحجر ودفئي في الشتاء مشارق الأرض وسراجي بالليل القمر وأدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام، أبيت وليس لي شئ وأصبح وليس لي شئ، وليس على وجه الأرض أحد اغنى مني.
أقول: معنى قوله: وأدامي الجوع اني لا آكل شيئا إلا بعد شدة الجوع والاشتياق إليه ولا آكل إلا إذا كان هكذا يكون مستلذا، ويكون كأنه مع الأدام. والمراد بقوله: اغنى مني، غنى النفس وعدم الحاجة إلى الناس.