خوفا لو اتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت ان يعذبوك، وارج الله رجاءا لو وافيت القيامة بذنوب الثقلين رجوت ان يغفر الله لك.
فقال له ابنه: يا أبت وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد فقال يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشق، لوجد فيه نوران، نور للخوف ونور للرجاء، لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر مثقال ذرة، يا بني لا تركن إلى الدنيا ولا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها، ألا ترى انه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما أوصى به لقمان ابنه ناتان ان قال له يا بني ليكن مما تتسلح به على عدوك فتصرعه: المماسحة - أي المصادقة وإعلان الرضا عنه - ولا تزاوله بالمجانبة فيه، فيبدو له ما في نفسك فيتأهب لك، يا بني اني حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم احمل شيئا أثقل من جار السوء، وذقت المرارات كلها فلم أذق شيئا امر من الفقر، يا بني إتخذ الف صديق والف قليل ولا تأخذ عدوا واحدا، والواحد كثير.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
تكثر من الاخوان ما اسطعت انهم * عماد إذا ما استنجدوا وظهور وليس كثير الف خل وصاحب * وان عدوا واحدا لكثير وقال أمير المؤمنين عليه السلام: كان فيما وعظ به لقمان ابنه ان قال له:
يا بني ليعتبر من قصر يقينه وضعفت نيته في طلب الرزق ان الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال من امره واتاه رزقه ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة، والله تبارك وتعالى سيرزقه في الحالة الرابعة. واما أول ذلك: فكان في رحم أمه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه حر ولا برد، ثم أخرجه من ذلك واجري له رزقا من لبن أمه يكفيه به ويربيه من غير حول ولا قوة، ثم فطم من ذلك فأجرى له رزقا من كسب أبويه ورأفة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك، حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة حتى إذا كبر وعقل واكتسب