وهذه الصفة المراد بها تعين علي عليه السلام دون تعين الصدقة، كما يقال (الأمير صاحب العمامة السوداء) فهو الأمير وإن لبس العمامة بيضاء أو سوداء.
فإن قيل: لفظ (الذين آمنوا) يقتضي الجمع، فكيف نسب إلى أمير المؤمنين وحده؟
فالجواب: لفظ (الذين) وإن كان للجمع فإنه بعرف الاستعمال يعبر به عن الواحد المعظم، ولذلك ذكره الله تفخيما وتعظيما، ولذلك نظائر كثيرة، فصار بالعرف حقيقة لكثرة استعماله، قال الله تعالى * (نحن نقص عليك أحسن القصص) * (1) وقال تعالى * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) * (2) أراد به إبراهيم عليه السلام وحده، وقيل أراد النبي عليه السلام وحده (3). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، مثل قوله * (سنة من قد أرسلنا) * (4)، * (ولقد آتينا) * (5).
وحمل (الذين) على الاستغراق يقتضي أن يكون المؤمنون الذين خوطبوا بقوله تعالى * (وليكم) * داخلين فيه، وهذا يوجب أن يكون كل واحد منهم ولي نفسه، فلا بد وأن يخص بالواحد على سبيل الحقيقة.
ولو حملوها على العموم ما أفادهم شيئا، لأن العموم لا صيغة له تخصه، لأن ما يكون عموما يجوز أن يكون خصوصا.