هذا المسجد إلا كما دخله أخواي موسى وهارون، إذ قال له أصحابه * (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) *، والله لا دخلت إلا لزيارة رسول الله (ص) أو لقضية أقضيها، فإنه لا يجوز لحجة أقامها رسول الله أن يترك الناس في حيرة.
قال أبان: قال الصادق عليه السلام: والله ما دخله إلا كما قال.
قال راوي الحديث جدي رحمه الله: وهذا حديث معروف من طريق الخاصة، ثم لفضه الحق اليقين الذي لا يخالجه شك ولا وهم، إن هؤلاء المذكورين ممن لا يتوهمون في فعال ولا يكذبون في مقال، وكيف يتطرق إليهم شئ من ذلك مع جلالة قدرهم وعلو منزلتهم وشرف سابقتهم وقدم صحبتهم للرسول عليه السلام:
فأما سلمان رضي الله عنه فمنزلته مجانسة كمنزلة أهل البيت عليهم السلام، لقوله صلى الله عليه وآله (سلمان من أهل البيت).
و (من) ههنا لتبيين الجنس لا لغيره، لأن أقسامها الباقية لا تصح، لأن ابتداء الغاية لسلمان لا يصح أن يكون أهل البيت، وكونها زائدة لا تصح أيضا، لأنها تؤذن أن سلمان بعينه هو أهل البيت، وكونها للتبعيض يؤذن أن سلمان جزء منهم عليهم السلام، وكونها أمرا أو بمعنى اللام كقوله تعالى * (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) * لا يصحان أيضا، فلم يبق إلا القسم الأول، وهو بيان الجنس. فثبت أنه مجانس لأهل البيت عليهم السلام.
وأما أبو ذر رضي الله عنه فمعلوم ما قال فيه الرسول صلى الله عليه وآله من قوله (ما أظلت الخضراء ولا وطأ الغبراء ذو لهجة أصدق من أبي ذر) وقول الرسول عليه السلام من أمر ربه لا ينطق عن الهوى، وهذا نهاية