والحق أبا بكر وخذ براءة من يده وامض بها إلى مكة فانبذ بها عهد المشركين إليهم وخير أبا بكر من أن يسير مع ركابك أو يرجع إلي.
فركب أمير المؤمنين عليه السلام الناقة العضباء وسار حتى لحق أبا بكر، فلما رآه جزع من لحوقه واستقبله وقال: فيم جئت يا أبا الحسن، أسائر أنت معي أم لغير ذلك؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن ألحقك وأقبض منك الآيات من براءة وأنبذ بها عهد المشركين إليهم، وأمرني أن أخيرك بين أن تسير معي أو ترجع إليه.
فقال: بل أرجع إلى النبي (ص).
فلما دخل على النبي قال: يا رسول الله إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق إلي فيه، فلما توجهت إليه رددتني عنه، ما لي أنزل في قرآن؟ قال النبي صلى الله عليه وآله: لا، ولكن الأمين هبط علي عن الله تعالى بأنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني، ولا يؤدي إلا علي.
وهذا حديث شائع ذائع بين الفريقين لا يختص به فريق دون الآخر.
وروى أحمد بن حنبل في مسنده (1) رفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وآله دعى أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي فقال [لي]:
أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه، واذهب [به] إلى [أهل] مكة فاقرأها عليهم. فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبي فقال: يا رسول الله نزل في شئ؟ قال: لا ولكن جبريل جاءني فقال:
لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.