وقد ثبت بقول الفريقين أنه لا نظير له في العلم، وإذا كان كذلك فهو أولى وأحرى بالإمامة من غيره، لقبح تقديم المفضول على الفاضل.
وهل يحسن من ذي بصيرة وقادة والمعترة نقادة وفراسة منيرة فطنة مصيبة ولب ثاقب ورأي صائب، أن يقدم على من صدر عنه علوم زاهرة ودلائل قاهرة وأعلام باهرة وآيات ناطقة ومعجزات ظاهرة، فقد وقعت الإشارة إلى صنوف اليسير:
منها: ما يسأل عن الله: أين هو؟ فيقول: في السماء على العرش.
فيجوز عليه سبحانه وتعالى ما يجوز على الأجسام، جل ربنا وعلا أن يحويه مكان، أو يكون إلى مكان أقرب من مكان.
روى الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الإرشاد: أن بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر، فقال له: أنت خليفة نبي هذه الأمة؟ فقال له: نعم. قال:
فإنا نجد في التوراة أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم، فخبرني عن الله تعالى أين هو في السماء هو أم في الأرض؟ فقال أبو بكر: هو في السماء على العرش. فقال اليهودي: فأرى الأرض خالية منه، وأراه على هذه القول في مكان دون مكان له أبو بكر: هذا كلام الزنادقة، أغرب عني وإلا قتلتك.
فولى الحبر متعجبا يستهزئ بالإسلام، فاستقبله أمير المؤمنين عليه السلام فقال [له]: يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وما أجبت [به]، فإنا نقول: إن الله جل جلاله أين الأين فلا أين له، وجل عن أن يحويه مكان، وهو في مكان بغير مماسة ولا مجاورة، ويحيط علما بما فيها، ولا يخلو شئ منها من تدبيره تعالى، وإني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم