فصل [مؤهلات الناظر في الإمامة] ينبغي أن يعلم الناظر أولا أن لكل مسألة موضعا مخصوصا من العلم الذي هو جزء منه، لا يقدم عليه ولا يؤخر عنه.
وهذا العلم بالإمامة إنما هو مبني على الأصول الثلاثة، وهي (1) التوحيد والعدل والنبوة. وموضع هذا العلم أن يكون رابعا لهذه الأصول المذكورة.
فعلى الناس في هذا العلم أن يسلم المبادئ التي عليها بناء الإمامة ولا يعترض عليها بها، فإن خالجه شك أو وهم فليرجع إلى الكتب المخصوصة بتلك العلوم الشريفة، ففيها ما يشفي الغليل وينقع الصدي (2)، ويؤخر النظر في الإمامة إلى إتقان المبادئ التي هي الأصول لهذا العلم.
ألم تر أن الباحث عن قدرة الله تعالى لا يتكلم في حدوث الأجسام بل يكون ذلك عنده معلوما. وكذا هذا العلم مبني على تلك الأصول الصحيحة، فيسلم أن العالم محدث والله تعالى محدثه من غير أصول قديمة ولا ثابتة في العدم بل كانت منتفية على كل حال. وأنه تعالى واجب الوجود لذاته أزلا وأبدا، وأنه تعالى واحد فرد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، قادر على جميع المقدورات لا يعجزه شئ منها، عالم بجميع المعلومات لا يشتبه عليه شئ فيها، بصير بالمدركات، مريد للطاعة كاره للمعصية، حي موجود، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، ويسبح كل محدث له عظيم